القاهرة

( الفن )...؟

قيمة الفن ، أى فن ، تتوقف على قدرته على ملامسة الواقع ، وليس الأنفصال عنه .
قدرته على تصوير الواقع ؛ بأبعاده وخلفياته .
قدرته على مناقشة مشكلات ( الفرد – المجتمع ) وأسبابها .
قدرته على تخفيف معاناة الناس ، وتغيير واقعهم إلى الأفضل .
قدرته على مداعبة خيال الجمهور ، وأطلاق العنان لأفكاره وتصوراته .

الفن بذلك أرقى طرق التعبير الأنسانى ، لأنه الوحيد القادر على توحيد ( آلاف – ملايين ) البشر حول عمل ، يتضمن...كلمة أو صورة أو صوت أو أداء حركى ، أو ربما جميعهم فى عمل واحد ، بما ينطوى داخل أدوات التعبير هذه من...رسالة أو فكرة أو قيمة أو مشاعر وأنفعالات أو دوافع للسلوك أو أسلوب حياة .

الفن هو الأبن الشرعى للواقع المنبثق منه ؛ منه يستمد أفكاره عن الأنسان والحياة والطبيعة والعالم .
وبه يعود الأنسان ليقف أو يختلف مع تلك الأفكار .
بهذا المعنى فالفن هو واجهة الشعوب والمجتمعات ، ودليل أيجابيتها أو جمودها وتخلفها .

أنفصال الفن عن الواقع يعنى أغتراب الأنسان بين جماعته وداخل وطنه ، اقتلاعه من الجذور وطمس لهويته .
الفن وطن .

الفن متعة حسية فى ممارسته وتذوقه 
أشباعاً لحب الجمال والخير والفضائل .
هو ليس أثارة للغرائز والشهوات والشرور ، إنما تهذيب لها جميعا .

الفن قاطرة للتطور ، ولا يجوز أو يصح أن يقف عائق أمام حركة البشر والتاريخ إلى الأمام .
وإن حدث وأصبح عائق ؛ فلا يمكن أن يسمى فن بأى حال .

الفن علم فى حد ذاته ، ولا ينفصل فى العلاقات مع كل العلوم الأخرى .
يتبادلان التأثير والتأثر ، بحيث يثير الفن لدى العالِم أسئلة يدفعه الفضول للأجابة عليها بالبحث والأستقصاء ، بينما يفتح العلم أمام الفن أفاقاً من خيال استحضار الماضى وتجسيد الحاضر واستشراف المستقبل وفقاً لأخر ما أقرته النظرية العلمية .

بذلك يصبح الأبتذال فى الفن والسطحية ، وانعدام القيمة وغياب الرسالة والمضمون ، والأنفصال عن الواقع وقضاياه ليس محض صدفة...هو دليل تدهور حضارى من جهة ، ومن جهة أخرى هو تكريس لمجموعة من الحقائق العلمية والأجتماعية المستقرة تعمل  معاً على تشويه الأنسان وأفكاره ودوافعه وفعلُه ؛ وانعكاسات ذلك على تشوهات بناء المجتمع وعلاقات أفراده ببعضهم ، وعلاقاتهم ككل مع العالم الخارجى .

وأخيراً...فأنه كلما أقترب الفن من أسمى غاياته ؛ كلما أرتقى الأنسان بروحه ومشاعره وأخلاقه .
وكلما تدنى الفن فى غاياته ؛ كلما انحدر المجتمع إلى هوة من التردى والأنحلال .
#ياسر_جابر